مصر... بين شفيق المصالحة ومرسي الانتقام
حسنا فعل المرشح الرئاسي أحمد شفيق في مؤتمره الصحافي الاخير حين أوقف جماعة الاخوان المسلمين المصرية أمام مرآة حقيقتها المتخلفة والانتهازية والشمولية التي لايمكن لمصر ان تقبل بالخضوع لها, ولهذا فان ما قاله رئيس الوزراء السابق هو ما تعتقده غالبية أبناء النيل, ف¯"حكم مصر أكبر من الجماعة و من محمد مرسي او مرشده محمد بديع او خيرت الشاطر" وأكبر من جماعة لا تعيش الا على الفساد والقمع والتنكيل بالخصوم.
شفيق عرى عتاة "الاخوان" من كل الاقنعة التي تخفوا تحتها طوال الفترة الماضية, واختصر تاريخهم, اذ كانوا طوال ثمانين عاما يعملون سكاكين حقدهم في كل من خالفهم, ويذبحون ضحاياهم ويسلخونهم بدم بارد, مبررين ذلك أنهم ينفذون شرع الله وحكم الحق, والله منهم بريء. كانوا يستلون سكاكينهم ويبسملون على الضحايا لاعتقادهم أنهم بذلك يحللون قتل مخالفيهم, ولسنا هنا بحاجة لسرد كل تاريخهم الدموي والقمعي الذي بات معروفا.
نعم, شفيق كان برده الهادىء أقوى من كل ضجيجهم, فمن يمثل الشفافية والحضارة والمصالحة الوطنية لا يمكن ان يرضى لمصر ان تخضع لتجربة الاذلال التي تريدها جماعة التخلف والظلامية, او ان تتحول دولة طائفية اخوانية منغلقة على نفسها وغارقة في الفتن.
كان لا بد من التصدي لتلك الصفاقة في التعدي على استقلالية القضاء المصري التي عبر عنها مرشح "الاخوان" بحديثه عن اعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك, حتى قبل ان تُجرى جولة الاعادة وتفرز الاصوات وتعلن النتائج ويُعرف من سيكون الرئيس, وهو بموقفه هذا يقدم أوضح صورة عن تسييس القضاء المصري ووضع اليد عليه, وهو قضاء لم يهب طوال العقود الماضية لا الحاكم ولا أجهزته الامنية او سطوة رجالاته, فهل نسي "الاخوان" ومن معهم من قوى مصرية متأسلمة ان القاضي نفسه الذي أصدر حكمه التاريخي على حسني مبارك هو من حكم ببراءة 16 من قادة "الاخوان" في قضية "التنظيم القطبي" الشهيرة? لكن من يعرف طبيعة الاخوان المسلمين لا يستغرب موقفهم هذا, والدليل أتباعهم في الكويت الذين تطاولوا على القضاء عندنا حين لم تناسب أحكامه هواهم, فراحوا يتطاولون عليه ويسعون الى خطفه وإخضاعه لسلطتهم, ولهذا ليست الفرية التي أتى بها محمد مرسي الا رأس جبل الجليد لما تضمره تلك الجماعة لمصر, ولذلك نتمنى ألا تتحول حقيقة لأنها ستكون كابوسا و بداية لهدم الدولة المصرية.
يقول المصلون في دعاء الورد"أعوذ بك من غائلة الانفس وما تخفي الصدور", وهذا الدعاء لا بد أنه كان لسان حال الشعب المصري حين سمع كلام مرسي وقادة "الاخوان" فما استشف من أعمالهم ومواقفهم بات يفضح ما في صدورهم و هو غل انتقام البعير الموصوف بالحقد, ما يعني ان هؤلاء اذا حكموا فسينتقمون من كل من قال لهم يوما لا.
أحمد شفيق عبر عن مخاوف شعب بلاده- باستثناء من لا يزال يؤيد تلك الجماعة- من خطف هؤلاء حكم مصر والهيمنة عليه, لكن يبدو ان هذه الكأس المرة بدأت تبتعد عن شفاه الشعب المصري لأنه أخذ ينفض عنها جراء ما ارتكبته من أفعال مشينة في الفترة الماضية, ولا سيما بعد حصولها على الغالبية في مجلس الشعب.
المصدر:
أحمد الجارالله
صحيفة السياسة الكويتية
الثلاثاء يونيو 05, 2012 9:33 am
